خيمة الندوات تناقش رواية العطر

خيمة الندوات تناقش رواية العطر

  • 1016
  • 2020/12/12 08:07:56 م
  • 0

 بغداد/ يقين عقيل

 عدسة/ محمود رؤوف

تستمر الفعاليات الثقافية المصاحبة خلال أيام معرض العراق للكتاب، حيث استضافت خيمة الندوات جلسة لمناقشة رواية العطر، تحدث فيها الباحث ماهر مجيد إبراهيم، بادارة كوثر جبارة.

 

وناقشت الجلسة في أولى محاورها تساؤلات بشأن النص المرئي المعتمد على نص مكتوب نشر سابقاً ضمن كتاب.

وطرحت مديرة الجلسة كوثر جبارة أولى الأسئلة ضمن الجلسة، "لنبدأ مع رواية العطر بسؤال عن خصوصية هذه الرواية لكونها الرواية الوحيدة التي تكلمت عن قضية الروائح وقضية توظيف حاسة الشم، ببناء الاحداث، الجزء الاول من السؤال هو هل هنالك رواية مشابهة اعتمدت ذات الخصوصية؟ وهذه الخصوصية كيف وظفت في النص السينمائي؟".

وأجاب الباحث ماهر مجيد، "حقيقة اشكر القائمين على هذا المعرض الرائع لهذه الدعوة الكريمة، تتميز رواية العطر باعتمادها على نسق سرد كلاسيكي، اي السرد البسيط الخطي، الذي يراهن فيه المؤلف على قوة الحدث بالابتعاد عن تقنية عرض الحدث، فهذه الاحداث تبدأ من بدايتها المنطقية، وتستمر الى الى نهايتها المنطقية.

وأضاف بالقول، "اعتقد ان المؤلف كان ذكي جداً باختياره موضوعة غريبة لم يتطرق اليها احد، وهي تتعلق بمفهوم العطر وحاسة الشم، لكونها احد الحواس الرئيسة المهمة عند الإنسان، حيث تلقف الفن السينمائي هذه الرواية بشغف كبير، في حين بقيت السينما لأكثر من 15 سنة تبحث عن وسائل للتعامل مع هذه الرواية".

وتابع، "صدرت رواية العطر في منتصف الثمانينيات، بدأ المخرج مارتن سكورسيزي في البحث عن معالجات صورية، حيث تقع اهمية الاخراج في البحث عن معطيات صورية تكون معادلة بلاغياً وجمالياً لما هو مكتوب ومدون، لكن الذي وقف عائقا امام هذه القضية هو كيفية تجسيد العطر كيف تختزل هذه الحاسة، كيف يمكن جعل العطر مرئياً، اذ كان هذا بمثابة التحدي للمخرج، وانتهت مدة 8 سنوات من التجارب أخيراً بأعلان عن فشل التجربة وصعوبة التنفيذ".

وزاد بالقول، ان "فكرة اخراج العطر كفيلم بقيت حبيسة الكتب، حتى قدوم المخرج الألماني تيم تاكور الذي تسلم هذه المهمة الرائعة واخرج وأنتج هذا الفيلم على اروع ما يكون، وهو فيلم استطاع ان يحدد ويجسد ماهيته امام المشاهد، الفيلم وضع امامنا الذوق والعطر وكأنه ينتقل ويصبح كائناً مرئياً ينتقل ما بين الشخصيات".

وأشار الى ان "هذا كان ما جسد قوة وعظمة الفن السينمائي، في قدرته على تجسيد المجردات والماهيات وجعلها بنية حياتية يمكن التفاعل واخذ منها ما بين المتلقي والخطاب الصوري".

وسألت مديرة الجلسة، الى اي مدى نجح النص السينمائي بهذه القضية التي تحدثت بها؟ 

فأجاب الباحث ان "بنية السرد في الرواية اختلفت بشكل كبير عن بنية السرد في الفيلم، فالسرد في الفيلم يمتلك خصوصية تفوق كثيراً مفاهيم السرد في الرواية بسبب امكانية التلاعب بالمدلولات الزمنية وعرضها، فنرى مثلاً العمل الذي قام به المخرج بدأت الاحداث من نهاية الفيلم "مشهد المحاكمة" الذي يتم به الاعلان عن البطل وتتم معاقبته من خلال الضرب والتنكيل به وتعذيبه وصولاً للموت، حيث كان هذا المشهد الاول من دون وجود صوت الراوي العليل".

وأضاف قائلاً في وصفه مشاهد في الفيلم انه "بعد انتهاء هذا المشهد، وضعنا المخرج امام لغز عن هوية هذا الشخص، ما الذي فعله ليكون هذا الهيجان الشعبي امامه وما الذي حدث ليخلقوا قائمة من العقوبات القاسية جداً بحقه من تهشيم وكسر وضرب العظام الى اشياء كثيرة في المشهد الأول؟، وهو ما اثار بداخلنا تساؤلا وكان هذا الذكاء من المخرج السينمائي ان يثير بداخلنا التساؤل والرغبة في المتابعة ومعرفة من يكون هذا الشخص".

وقال انه "في هذا المشهد يدخل صوت الراوي ليبدأ في الحديث عن ماهية هذا الشخص، للتنقل والعودة الى الماضي لعشرين سنة ولت، اي ان عمر الشخصية الافتراضي داخل الرواية وداخل الفيلم هو عشرون سنة، فكان هذا المشهد موفق جداً في اختيار شكل صدى دائري ومن ثم عملية تهشيم وصولاً للنهاية". 

وجاءت أحد الأسئلة، "الى اي مدى التزم هذا السرد السينمائي بما موجود داخل الرواية؟، وما الذي اعطى الاهمية للنص المرئي بالاعتماد على نسق سردي مغاير، هل يرجع الامر لخصوصية فن السينما؟ ام خصوصية الرواية ذاتها؟".

وأجاب بالقول، "هناك حقيقة مهمة: الرواية نص والفيلم نص آخر مغاير، لا توجد علاقة من حيث الظاهر، بين الصورة والكلمة المكتوبة، التي تتوسطهما هي كتابة السيناريو، والمخرج كان فاعلاً وايضاً احد المشاركين في كتابة السيناريو، فحينما نقول ان الفيلم مقتبس من الرواية يكون في الحقيقة خاطئ علمياً، نقول ان سيناريو الفيلم اقتبس من الرواية اما الفيلم كوجود، فهو عملية تحويل كلي، وعملية خلق وايجاد معادل كبير يمتلكه المخرج لهذا اشتغال الفن والسرد السينمائي تمكن من ايجاد معادلات صورية وتفصيلات حركية، لا يمكن للرواية العمل عليها بهذه الدقة، فالاختلاف يكون في النسق السردي، وكأنه اوجد نسقا سرديا مغايرا جداً للرواية".

أعلى