العناوين الفلسفية تتصدر مقتنيات الشباب

العناوين الفلسفية تتصدر مقتنيات الشباب

  • 1160
  • 2020/12/16 12:47:39 ص
  • 0

 بغداد/ علي رياض

 عدسة/ محمود رؤوف

مع التقدم التكنلوجي السريع خلال العقود الأخيرة، وانحسار الطبقات الوسطى في شتى أنحاء العالم، قلصت ضرورات الحياة ولزومياتها من حضور الفلسفة والأدب في حياة المجتمعات المختلفة، ويمكن لأي متابع أن يشاهد الفرق بين الأسماء اللامعة فكرياً في مطلع القرن الحالي، وبين ما هو عليه الحال الآن، إذ نكاد لا نسمع باسم مفكر له صيت وجمهور وقراء إلا بضعة تعد على عدد الأصابع.

 

وتزامناً مع هذا التقدم العلمي، تشكلت صورة انطباعية شهيرة عن الشرق الأوسط عموماً والعراق خصوصاً، مفادها أن الأجيال الجديدة تعاني أزمات على مستوى الوعي والثقافة، وتُقارن بأجيال سبقتها بحالة من الاستياء والتندر."ملحق المدى" وخلال أيام معرض العراق الدولي للكتاب، تابعت هذا الملف، لمعرفة إقبال الشباب على المؤلفات الفلسفية، واهتماماتهم الفكرية، وكانت النتيجة بعد سؤال عدد كبير من الشباب من كلا الجنسين حول ما اقتنوا من كتب وما يودون اقتناؤه، أن مؤلفات الفكر والفلسفة أخذت حصة الأسد لديهم، تبعها الأدب.

ويقول مدير عام دار الفرقد السورية المتخصصة بترجمة وطباعة الكتب الفكرية أياد حسن إن "معظم زبائنه خلال أيام المعرض كانوا من الشباب، وكانت غالبية طلباتهم تتمحور حول كتب تأسيسية في الفكر، مثل كتاب الأمير لميكافيلي على سبيل المثال، وبعض مؤلفات غوستاف لوبون، ولم يقفزوا إلى الكتب التي تتطلب قارئاً خبيراً ومطلعاً، وهذا إن دل على شيء، فهو يدل على إمتلاكهم ادراك التراتبية والتدرج في هذا النوع المعقد من القراءة والاطلاع".

وأضاف "نعم، شهدت الثقافة العربية خلال السنوات العشرين الماضية بسبب الظروف السياسية القاهرة التي عاشتها المنطقة العربية والأوضاع الأمنية والمعيشية المتردية، إنتكاسة كبيرة، لكن اليوم هناك نهضة ربما تكون كبيرة أيضاً، يمكن ملاحظتها بتعطش الأجيال الجديدة للقراءة النوعية، وانقيادهم وراء فضول معرفي واسع شديد التأثير".

ويعزو مدير الفرقد هذا الفضول المعرفي، إلى "الدور الإيجابي الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي، رغم تعرضها لانتقادات كبيرة بخصوص أثرها السلبي على ثقافة وتوجهات الشباب"، موضحاً "حتى كتاب وقراء الأدب التجاري ذو القيمة الفنية الضعيفة أو المنعدمة، سيجدون عاجلاً أم آجلاً طريقهم نحو القراءة الصحيحة ما داموا قد دخلوا عالم الكتب والمعرفة".

ويرى مندوب المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في معرض العراق الدولي للكتاب علي يونس دعيبس أن "الأزمة الثقافية موجودة فعلاً، لكن ما يحدث الآن هو تفاوت كبير في المستويات المعرفية والثقافية بين الشباب بسبب انحسار الطبقات الوسطى في المجتمع".

ويضيف "عدد منظور من المؤلفات الفلسفية التي أبيعها في جناحي نفدت، وكانت النسبة الأكبر من المشترين شباباً"، مبيناً أن "هذا الميل نحو الفكر إيجابي جداً، ومن حسنات وسائل التواصل الاجتماعي التي روجت للفكر والفلسفة ولو باستسهال معين".

ومن منظور آخر، يعزو الكاتب والصحفي أحمد الشيخ ماجد حضور الفلسفة الطاغي على مبيعات الكتب في معرض العراق إلى أن "الفلسفة عادة ما تحضر في المجتمعات التي تعاني أزمات سياسية واجتماعية وثقافية، كونها تحمل معها الأسئلة الصحيحة، وبعض الأجوبة عن ما حدث ويحدث".

ويضيف "ويصبح الأمر أكثر وضوحاً، عندما يتراجع أثر الدين داخل المجتمعات بسبب ردود أفعال معينة، تحضر الفلسفة بوصفها بديلاً معرفياً وأخلاقياً لإعادة صياغة الثوابت المتغيرة مع انحسار الثوابت الدينية السابقة".

أعلى