غائب طعمة فرمان والحنين إلى الحياة الشعبية البغدادية في رواياته

غائب طعمة فرمان والحنين إلى الحياة الشعبية البغدادية في رواياته

  • 600
  • 2021/12/10 09:05:17 م
  • 0

 زين يوسف

تصوير محمود رؤوف

على قاعة الندوات في معرض العراق الدولي للكتاب اقيمت ندوة حوارية عن الروائي غائب طعمة فرمان حاضر فيها الناقد فاضل ثامر والشاعر حمد الدوخي وأدار الحوار الناقد أحمد الزبيدي.

وفي مستهل الحديث قال الناقد فاضل ثامر عن حضور غائب طعمة بيننا "غائب طعمة دائما حاضر بيننا، في الحقيقة هو واحد من الرموز القليلة في الثقافة العراقية التي تركت بصمتها الواضحة في تطور هذا الجنس الروائي،

وكما هو معروف ان الرواية العراقية كانت قد بدأت ربما منذ الربع الاول من القرن العشرين لكن التأسيس الحقيقي والفني للرواية الفنية كان مع تجربة غائب طعمة فرمان في روايتيه "خمسة أصوات" و"النخلة والجيران"، وهذا يعود الى سنوات 1966 و1967، وهذه التجربة اكدها عدد من النقاد العراقيين منهم الدكتور شجاع العاني والدكتور نجم كاظم والاستاذ ياسين النصير وعدد كبير من النقاد الذين أشاروا الى هذه التجربة.
واضاف قائلا "انا شخصيا كانت اول محاولة لي للحديث عن غائب طعمة فرمان ربما عام 1969، عندما كتبت دراسة مقارنة بين "زقاق المدق" وبين "النخلة والجيران"، نشرت في العدد الرابع من مجلة الكلمة، في آذار تحديدا، اشرت فيها إلى التأثير الكبير الذي تركته تجربة الروائي العربي الكبير نجيب محفوظ على تجربة غائب طعمة فرمان في هذه الرواية وفي الحقيقة على مجمل اعماله الروائية اللاحقة.
غائب طعمة فرمان هو رمز كبير من رموزنا الذي يستحق فعلا مثل هذه الاشادة واكرر شكري لمؤسسة المدى ولادارة المعرض على اختيار اسم هذا الرائد الكبير ليكون عنوانا لدورة المعرض وهو يستحق ذلك، اتمنى ان تترسخ هذه التقاليد الثقافية، اي اننا نتمنى من المواطن العراقي والطالب الجامعي وطالب الثانوية أن يعرفوا قيمة مبدعيهم، وقبل ذلك اتمنى ان يدرك رجل السياسة ان هناك عمالقة وكتابا وفنانين ومسرحيين وتشكيليين كبار يجب ان يعرفهم ولا يتجاهلهم ويجب ان يقف باحترام وخشوع امام هذه التجارب الكبيرة ومنها تجربة غائب طعمة فرمان".
أشار مدير الجلسة الى قضية تأثر غائب طعمة بروايات نجيب محفوظ مؤكدا ان رواية نجيب محفوظ تزامنت مع رواية غائب طعمة فرمان.
يتحدث فاضل ثامر قائلا "انا اعتقد هذا ممكن ولكن لو رجعنا الى النخلة والجيران وزقاق المدق فهنالك مقارنة دقيقة في هذا الامر، وقد لاحظت ان البؤر المركزية التي تتحرك بها كل رواية من روايات غائب طعمة فرمان تتشابه الى حد كبير، هنا بطلة مصرية وهي حميدة وهنا البطلة تماضر وقضية الحلم بالسعادة الانسانية، وكيفية ان يمسخ هذا الحلم ويتحول الى عملية اهانة للجسد البشري، ايضا هناك ظروف ما بعد الحرب العالمية الثانية في الحالتين، لكن مع ذلك غائب منح هذه الرواية خصوصية عراقية حقيقية تستطيع ان تلاحظها من خلال الحوارات وحتى من لغة الحوار العامية التي كان يتقصدها وكانت احد العناصر المهمة في تشكيل هذه الخصوصية العراقية.
وبالانتقال الى الضيف الثاني يتحدث الزبيدي قائلا "حدثنا عن نصية غائب طعمة ونصه الروائي وفي شعرية التفاصيل التي نجدها في روايات غائب طعمة فرمان".
يؤكد حمد الدوخي "ان اكثر الدراسات التي تناولت غائب طعمة فرمان بحكم مناقشتي لبعض الاطاريح والرسائل وقراءتي للبعض الآخر، تذهب الى الشرحية بسبب واقعية السرد عند غائب طعمة فرمان، أنا اردت ان اركز على جانب فني لان الرواية وتحديدا في "النخلة والجيران"، تأخذ على عاتقها مهمتين، مهمة نقل الواقع ومهمة المحافظة على فنيتها في نقل الواقع لان الكلام عن الواقع قد يسقط الجهد السردي بالمباشرة، اذا ركزنا على الاستهلال في هذه الرواية، من وجهة نظري الاستهلال يستغرق عشر صفحات، والاستهلال مؤلف من اربعة ملافيظ سردية، أول ملفوظ يصادفنا في الرواية هو نصف سطر، ويأخذ حركته من العنوان، وهو "قبل ان تغرب الشمس يسمع الجيران صوتها"، ولنفصل هذا الملفوظ اولا زمنيا الوقت مختار بدقة كما يقول الاستاذ علي الفواز هناك ملاحظة عامة على شخصيات غائب طعمة فرمان شخصيات عامة وشخصيات مجتمع سحيق واحلام تكاد تكون مضحكة ومغامرات ساذجة، والوقت تم اختياره بدقة للاشارة الى التشبث بالحياة".
يكمل الدوخي حديثه قائلا "عموما الذي اريد ان اقوله من خلال هذا الجانب ان غائب طعمة فرمان وبالقراءة الاولى لروايته تشعر أنه روائي اجتماعي فقط وواقعي بامتياز، انا اقول انه روائي يعي بقصدية عالية التنقلات الفنية التي تؤدى من خلالها الوحدات السردية".
وبالعودة الى الناقد فاضل ثامر ينقل مدير الجلسة سؤالا من الدكتور صالح زامل فيما يخص الحياة البغدادية في روايات غائب طعمة فرمان وهل هذه الثيمة هي المهيمنة نتيجة الاغتراب؟ ام هي نوع من الحنين الى الماضي ام القضيتين معا؟
يجيب ثامر بهذا الخصوص قائلا "ان هذه ملاحظة دقيقة، ولنقل ان الروائي العراقي بشكل عام كان يفيد الى درجة كبيرة من فعل الذاكرة وخاصة الروائي عندما يعيش في الغربة يستحضر ذاكرة الحياة العراقية الشعبية، والبغدادية بشكل خاص، كما نعلم ان غائب طعمة فرمان كان بغداديا ولد وعاش في منطقة المربعة، وهي احدى المناطق الشعبية التي تتفرع من شارع الرشيد ويقال ان البيت الذي كان يسكنه قد اندثر نهائيا، المهم ان غائب كتب رواياته وهو في المنفى، كان يستحضر من خلال الذاكرة الماضي فهو لون من الحنين الى الماضي وبنفس الوقت هو المادة الرئيسة لخلق المادة الروائية".

أعلى