افتتاحية الملحق: هادي العلوي  يفتتح معرضاً للكتب

افتتاحية الملحق: هادي العلوي يفتتح معرضاً للكتب

  • 53
  • 2022/12/07 01:27:11 ص
  • 0

معرض الكِتاب- السوق التجارية للكتُب- مجالٌ تشترك في قيامه العادات الثقافية الدورية، بانتظام وتشابُه في الشكل والنوع والغاية الريعية والافتخارية. إنّه/ إنّها صورة من عالم اليوم المزدحم بالرغبات الجامحة، والتوجهات الفاضحة لنشر الوثائق والمذكرات السرّية، وعقائد ما بعد نهاية التاريخ- ودَعْك من الروايات والقصص الزائفة بأجمعها!

بذا فإنّ فضاء المعرض يختلف عن المكتبات الخاصة التي تختار فيها كتباً لنفسك؛ ففي الفضاء الوسيع للمعارض يستهدفك الناشرون بكتبهم التي تتكدّس بعدد تكاثريّ من النُسخ المتشابهة، في طقس أقرب إلى رؤيا خوليو كورتاثار عن تحوّل المحيطات المائية إلى عجينة ورقية، بما يُلقى فيها من فيض المطابع، فتخنق ما حولها من الحياة البرّية.

بالطبع، ليس معرض «المدى» من هذا النوع التدميري لعقل الطبيعة الحرّ؛ لكن ما يقرّب هذا التصوّر لقارئ الكتُب نوع من الرعب الاستنساخي، الذي قد يدفع مؤلفاً تنويعيّاً، مثل هادي العلوي، أو علي الشوك- نشرت الدار مؤلفاتهما- إلى مغادرة المجال المحدود للكتب والالتحاق بحلقة فلسفية كلامية، أو أعجوبة رياضية أكاديمية، تقاربان تصوّر كُتّاب الخيال العلمي لعالم الغد- غير الورقي.

إنّ متاهة بحجم «مكتبة بابل»، هي أصغر بكثير من رؤيا مستقبلية يُنشئها العلوي والشوك، بعيداً عن الصورة المثاليّة للعالم الأرضي؛ إذ أنّها رؤيا الفراغ الذي يحيط بالكتب التي قرآها، وحيث ارتسمت أمامهما «طرُقُ الهواء» في رؤيا باسترناك أو نابوكوف أو أسيموف الأكثر خيالية منهما.

لماذا نابوكوف، في هذا المجال المحدود من المقارنة؟ ربما لأنّ شغفه بالكلمات التفخيمية- كما في روايته لوليتا- أقوى من الموضوع الجنسي الخاضع لرغبات كلامية بحتة. استمتعَ ناباكوف الذي يتذكر عشيقتَه المراهقة، بالحروف التي تجهر بالشبق، مع التصاق اللسان بلهاة الفم، ثم انفصاله عنها- بالرغم من خلوّ اسم لوليتا من حرف الطاء العربي، الجهوريّ.

لكننا لو تتبّعنا علي الشوك في عزلته المستقبلية، لسمعناه يردد الحرفَ المنطلق من اللهاة في كلمة «طنبور" باستمتاع موسيقيّ ذاهل. أمّا إذا أحضرنا هادي العلوي لافتتاح معرض للكتُب، فقد يُذهَل حاشيتُه من نُطقه كلمة "طيطوى" على غير البروتوكول المعتاد في افتتاح مناسبات من هذا النوع التجاريّ.

بماذا تجهر الكلمتان العربيتان القديمتان هاتان، في هذا العرض المستقبلي الوجيز، بإيحاء من كاتبينِ حرّين من لوثة الكتُب؟

تجهران بشيء واحد فقط: إنك لا تقرأ كتاباً مرّتين، بالكلمات القديمة نفسها!

أعلى