على ضوء شمعة

على ضوء شمعة

  • 30
  • 2024/02/15 11:40:05 م
  • 0

عدوية الهلالي

قبل ان تغزو المولدات الكهربائية حياتنا ، كنا نقضي وقت انقطاع الكهرباء في ظلمة لايبدد عتمتها الا المصابيح النفطية او الشموع ، ولايقتل وحشتها الا التسامر او مطالعة كتاب.. في مايخصني ، كنت افضل مطالعة الكتب حتى ساعة متأخرة على ضوء الشمعة ، وكانت والدتي رحمها الله تحذرني من الاذى الذي سيصيب عيناي لكن متعة الابحار بين دفتي كتاب ما ، كانت سببا كافيا لاحتمال الظلمة وألم العينين..

لم أكن انا وحدي من يعشق الكتب فأغلب ابناء جيلي ومن سبقهم كانوا يتسابقون على اقتناء الكتب ومطالعتها ولم تكن احاديث الاصدقاء تخلو من مناقشة آخر كتاب طالعوه، وكانت المكتبة العامة تستقبل العديد من الزوارمن مختلف الاعمار، والمكتبات المدرسية تشجع الطلبة على المطالعة كما تطالبهم المدارس باعداد بحوث لاينقذهم الانترنت في اقتباس فقراتها كما يحدث الآن بل يبحثون عن المصادر بأنفسهم من كتب مختلفة وهي وسيلة اخرى لتشجيعهم على حب الكتاب والبحث .

ومرت السنوات محملة بالحروب والمحن وضاقت سبل العيش فصار رغيف الخبز أهم من الكتاب ثم اجهزت وسائل التكنولوجيا الحديثة على ماتبقى من اهتمام بالكتب والمكتبات.. ولكن،ظل عشاق الكتب صامدين أمام الموجة الكاسحة وظل شارع المتنبي ومعارض الكتب عزاؤهم الوحيد لاعادة الروح الى الكتاب..

ومن بين معارض الكتب التي تحولت الى مناسبة كرنفالية ينتظرها عشاق الكتب والثقافة معرض العراق الدولي للكتاب الذي تقيمه مؤسسة المدى للاعلام والثقافة . تلك المؤسسة التي أعدت ابداعها على ضوء شمعة ايضا حتى نضج واصبح نبعا ينهل المثقفون من مفرداته، من صحيفة واصدارات متنوعة مابين الادب والشعر والفلسفة والتراجم فضلا عن هذا الكرنفال الرائع الذي يضم دور نشر محلية وعالمية عديدة وتتخلله انشطة مختلفة تجتذب الصغار والكبار وتحفز لديهم شغف القراءة وحب الثقافة ليظل العراق يكتب ويطبع ويقرأ ويظل أبناؤه متشوقين لاقتناء الكتب ومطالعتها..

ومع زحف التكنولوجيا على جميع مفاصل حياتنا ، لابد من ان نجد فسحة كافية للكتاب ليكون غذاء لعقولنا ومتعة لاوقات فراغنا ورصيدا لتجاربنا وارثا لاجيالنا المقبلة .. لابد من ان نشجع الصغار على صحبة الكتب إذ يظل الكتاب خير جليس ورفيق ، ومن يعتاد على حب الكتب ربما سيجد نفسه يقرأ كتابا ذات يوم على ضوء شمعة اذا ماحاصره الظلام وهذه هي اسمى درجات العشق..

أعلى